— ليفاندوفسكي-فليك: اتفاق المنتصرين … كلاهما يحافظ على كيمياء خاصة وعلاقة تدور حول كلمة واحدة: النجاح
دائمًا ما تكون هناك لحظات توحد شخصين إلى الأبد، وذلك الموسم السحري في ميونيخ عام 2020 خلق شيئًا مميزًا بين هانسي فليك وروبرت ليفاندوفسكي.
منذ أن بدأ اسم المدرب الألماني يتردد كخليفة محتمل لتشافي هيرنانديز على مقاعد بدلاء برشلونة تكهّن الكثيرون بأن المهاجم سيحصل على دور أكبر، وهذا ما حدث , لكن ربما ليس بالطريقة التي توقعها البعض: فليك لم يسلم قيادة المشروع إلى البولندي بل يقود الفريق إلى مكان يمكن لكليهما الشعور فيه بالإنجاز: النجاح الجماعي.
قبل وصوله إلى برشلونة كان فليك على دراية كاملة بالتشخيصات التي قدمها العديد من لاعبي الفريق , لم تكن الأمور تسير على ما يرام، والإحباط كان واضحًا في غرفة الملابس , من خلال أصدقاء مشتركين وصل المدرب الألماني إلى فهم التحليل الذي تم داخل النادي. البعض، مثل ليفاندوفسكي – ولم يُخفِ ذلك أبدًا – كان يطالب بعمل بدني أكثر صرامة ونهج هجومي أكثر وضوحًا.
ما يجمع بين هانسي و”ليفي” هو الانضباط الذاتي اليومي , كل واحد في مجاله. علاوة على ذلك فقد تذوّقا النجاح مع بايرن ميونيخ مما زاد من قناعتهما بالطريق الذي يجب اتباعه في برشلونة , ولهذا السبب في العديد من المحادثات التي أجرياها في ربيع وصيف العام الماضي توصّلا بسرعة إلى نفس الاستنتاج , المدرب وعد بمحاولة خلق نظام تكتيكي أكثر فائدة للفريق لكنه طلب من المهاجم أن يضع غروره في خدمة المجموعة , ليفاندوفسكي أوضح له أنه، في عمره، لا يمكنه إضاعة الوقت بعيدًا عن البحث عن الألقاب.
فليك، بذكاء إداري
على الرغم من مرور ما يقرب من خمس سنوات منذ الثلاثية مع بايرن إلا أن الكيمياء بين المدرب واللاعب بقيت كما هي منذ اليوم الأول , ويعود ذلك جزئيًا إلى وجود العديد من الأشخاص المشتركين في دائرتهما المهنية , يشبه الأمر العلاقة مع شريك أفضل أصدقائك: لا يوجد خيار سوى التفاهم.
بذكاء إداري أظهر فليك لروبرت أنه لاعب أساسي، لكنه في سن السادسة والثلاثين لا يمكنه خوض مباراة كل ثلاثة أيام والبقاء في أفضل حالاته , نقل له المدرب بوضوح أن خطته كانت تقليل دقائق لعبه بين الحين والآخر، وهو ما بدأ البولندي في تقبّله بشكل أفضل بفضل نضجه.
كان “ليفي” نفسه هو أكثر من عانى الموسم الماضي بسبب اللعب المتواصل رغم أنه لم يكن يشعر بحالة بدنية جيدة، ولهذا السبب أصبح الآن يتقبل فكرة التناوب بسهولة , فالأمر لا يتعلق بالوصول بسرعة، بل بالوصول بعيدًا.
الراحة في الكأس، قرار متفق عليه
في بداية الموسم أخبر فليك مهاجمه أن بطولة الكأس ستكون المكان المثالي لمنحه فترات راحة , هذا القرار يسمح لروبرت بالحصول على مزيد من الدقائق في الليغا حيث ينافس على لقب “البيتشيتشي” ضد مبابي وعلى الحذاء الذهبي مع صلاح , ورغم ذلك أوضح فليك له أيضًا أن مسؤولية المدرب هي حمايته بدنيًا ولهذا السبب كان يستبدله في بعض مباريات الدوري المحسومة مسبقًا , أي تخفيف من الحمل البدني يمكن أن يكون مفيدًا في الأسابيع الحاسمة حيث تُحسم البطولات.
الأشخاص المقربون من ليفاندوفسكي يؤكدون أنه في الماضي لم يكن من السهل أن يغادر المهاجم مباراة مثل تلك التي جرت يوم الأربعاء في ميتروبوليتانو وهو سعيد , فقد كان دائمًا يريد اللعب في كل اللقاءات حتى لو كان اللقاء في بطولة الكأس. لكن هذه المرة رغم أنه بدأ اللقاء على مقاعد البدلاء، كان “ليفي” سعيدًا كما لو أنه لعب المباراة كاملة , والدليل على ذلك هو صورته المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي وهو يحتفل مع زملائه في حوض السباحة الساخن بملعب أتلتيكو مدريد.
مثل ميسي ولويس إنريكي
هناك عامل آخر مهم , في النهاية مهاجم بايرن السابق هو لاعب يريد الفوز دائمًا , ورغم أنه قد يواجه صعوبة في قبول بعض القرارات على المدى القصير فإنه في النهاية يقدّر وجود قائد يوجهه نحو النجاح , حدث شيء مشابه بين ميسي ولويس إنريكي.
ليفاندوفسكي يبحث عن الألقاب وإذا كان عليه أن يضع غروره جانبًا من أجل ذلك فسيفعل , ولهذا السبب فهو يحترم فليك إلى أقصى درجة , والأهم من ذلك أن خطة المدرب تعمل بشكل مثالي. يكفي رؤية أداء فيران توريس كلما حصل على دقائق لعب , سواء تم الاعتراف بذلك أم لا فإن المنافسة الداخلية دائمًا ما تقلل من الاسترخاء وتزيد من الأداء الجماعي.
فليك كان يعلم أنه بوضع الفريق في مناطق متقدمة والبولندي داخل منطقة الجزاء فإن “ليفي” سيصبح آلة تهديفية مرة أخرى , لأنه كان دائمًا كذلك، وهذا الموسم ليس استثناءً , فليك بنى النظام وليفاندوفسكي عاد لتسجيل الأهداف بكثافة , وفي الوقت ذاته بدأ المهاجم المخضرم في إدراك أن الأهم هو مصلحة الفريق ووافق على منح مساحة أكبر للاعبين مثل لامين يامال , الجميع قدّم تضحيات من أجل الوصول إلى الألقاب، والآن الاتفاق بين فليك وليفاندوفسكي يقترب من تقديم ثماره المثالية.
(المصدر : صحيفة سبورت)