— برحيل إينيغو، يغادر قائد من دون شارة … كان قلب الدفاع مرجعًا في غرفة ملابس برشلونة، خاصة في موسمه الثاني الذي ازدادت فيه مكانته داخل الملعب وخارجه.
إينيغو مارتينيز يرحل عن نادي برشلونة وهو واثق وراضٍ داخليًا بأنه سيترك ذكرى طيبة عن مروره بالنادي الكتالوني , جاء في عمر الثانية والثلاثين ليضع لمسة الألقاب على مسيرة كانت تفتقد فقط إلى البطولات الجماعية، وخلال موسمه الثاني في برشلونة بدأ في جمعها.
الدوري، كأس الملك، وكأس السوبر… لكنها تبقى قليلة كمجرد إرث مختصر للاعب كان “قائدًا” بكل ما تعنيه الكلمة من معنى في خط دفاع ليس من السهل النجاح فيه، خاصة حين يأتي اللاعب من مدارس كروية مختلفة.
ولتأكيد ذلك، يكفي أن نعدّ العشرات من المدافعين الذين تم التعاقد معهم للفريق الأول في العقد الأخير للعب في محور الدفاع الكتالوني ولم يقدّموا الأداء المرجو، مما يدل على صعوبة العثور على قلوب دفاع بقدر مكانة لاعب أوندروّا.
لأسباب متنوّعة، لم ينجح كل من توماس فيرمايلين، جيريمي ماتيو، صامويل أومتيتي، ييري مينا، كليمو لينغليه، جان كلير توديبو، جيسون موريو، ماركوس ألونسو، ولا حتى أندرياس كريستنسن في فرض أنفسهم في قلب الدفاع , حتى إريك غارسيا وجول كوندي وجدا مكانًا لهما في مواقع أخرى غير تلك التي جاءا من أجلها إلى برشلونة
إينيغو مارتينيز كان أفضل قلب دفاع تم التعاقد معه منذ جيرارد بيكيه والتحوّل الناجح لخافيير ماسكيرانو من وسط دفاعي إلى قلب دفاع , أما الأوروغوياني رونالد أراوخو، القائد الأول حاليًا، فقد ترقى تدريجيًا من الفريق الرديف وليس كتعاقد مباشر للفريق الأول.
إعادة ابتكار النفس كقلب دفاع على طريقة برشلونة هو قفزة نوعية شيّقة ولكنها شديدة الخطورة , وصل إينيغو إلى كامب نو مع خبرة واسعة في دوري الدرجة الأولى حيث لعب لصالح ريال سوسيداد ثم أتلتيك بلباو، جامعًا أكثر من 350 مباراة في الليغا وأكثر من 500 مباراة رسمية بين الفريقين.
انتقاله من بلباو لم يكلّف برشلونة يوروًا واحدًا , كان عقد إينيغو قد انتهى في سان ماميس وكان يبحث عن تحديات جديدة , وقد قدّمه برشلونة صيف 2023 على موقعه الرسمي بهذه الكلمات التي نادرًا ما تنطبق بهذا القدر على لاعب جديد: “لعبه الجوي القوي، خروجه الممتاز بالكرة وصلابته الدفاعية ستعزز محور دفاع برشلونة، الذي سيضم ابتداءً من الآن لاعبًا أيسرًا. متمرّس في آلاف المعارك، يتميّز إينيغو مارتينيز كذلك بقيادته وشخصيته التنافسية”.
قناعته عند تقديمه كلاعب لبرشلونة في صيف 2023 كانت بمثابة تمهيد لما كان مستعدًا لتقديمه، خاصة أن أكثر ما كان ينقصه في سيرته الذاتية هو الألقاب التي لم يحصل عليها لا مع ريال سوسيداد ولا مع أتلتيك بلباو , و قال في يومه الأول كلاعب برشلوني: “يكفي رؤية المشروع الرياضي لديهم، الطموح، الرغبة في قلب الوضع… عندما يتصل بك برشلونة، تلمع عيناك”.
مدرباه في برشلونة قدّرا أهميته , ففي نوفمبر 2023 أكّد تشافي هيرنانديز أن التعاقد مع إينيغو تم “بطلبي”، معربًا عن أسفه لتأثر بدايته بإصابة في اللفافة الأخمصية , وقال: “إينيغو قائد بالفطرة، صاحب خبرة، مُجرب، يتمتع بخروج رائع بالكرة، يفوز بالصراعات الثنائية، يجيد تنظيم الخط الدفاعي… يملك العديد من المزايا”.
وفي أبريل 2025، قبل مواجهة ليغانيس-برشلونة، ضرب هانسي فليك به المثل رغم أن أحدًا لم يسأله عنه بشكل مباشر , و قال: “كجهاز فني، نحن نتحدث نفس اللغة مع اللاعبين , هذا ليس سهلًا لكن الجميع تبِعنا. مثلًا إينيغو، الذي يقدم مستوى مذهلًا , هو قائد مطلق ويعطي كل شيء لهذا النادي، إنه قدوة للبقية”.
في المجمل خاض 71 مباراة رسمية مع برشلونة، ولكن من حيث الجاهزية والقدرة والشجاعة لتحمّل مسؤولية دفاع جريء مثل دفاع فليك، فإن موسمه الثاني مع الفريق هو موسم تثبيته الحقيقي , في الموسم الأول، لعب 25 مباراة بمجموع 1623 دقيقة، دون أهداف أو تمريرات حاسمة , أما في موسمه الثاني والأخير، فخاض 46 مباراة بمجموع 3976 دقيقة، مسجلًا 3 أهداف وصانعًا لـ5.
وكونه قائدًا لمنظومة دفاعية بهذه الجرأة، عرف إينيغو كيف يلعب على الحافة دون أن يحترق , ليس مدافعًا سريعًا، لكنه كان حاسمًا بحذر: تلقى 16 بطاقة صفراء ولم يُطرد أبدًا بقميص برشلونة.
من بين الإرث الذي سيتركه كذلك دوره كمُرشد لباو كوبارسي، المدافع الاستثنائي من أكاديمية النادي، والذي تعلّم الكثير إلى جانبه بين عمر 17 و18 عامًا , كل هذا يخسره برشلونة مع رحيل إينيغو مارتينيز ، القائد من دون شارة.
(المصدر : صحيفة MD)